
















اهلا
أيلولُ مرَّ من هنا
تركَ رسالةً للزمانِ، ورحل
ناسيًا أصابعَهُ تمشّطُ شعري
هبوبَ الريحِ في القصبِ
غادرَ ولم يستجبْ لندائي... وإغرائي!
ويُقصَفُ حلمي بنارِ الغضبِ!
تحروَقتْ أصابعي وأضلعي
وأنا على ضوءِ سراجي "أُدوِّر"،
في سراديبِ الأيامِ عن السببِ...
ويظهرُ صاحبي متلبّسًا؛
يشقِّرُ عناقيدَ العريشةِ عن سُمرتِها
حتى تدورَ في رأسِهِ سَكْرةُ العنبِ!
ويدّعي على الجرادِ بقحطِ السنابلِ
والزعرورِ والزعتر...
وعليّ بتسميمِ ينابيعِ المجدِ وساقيةِ الأَدبِ!
هذا الذي باركتُ له بمنزلي وكتابي...
حذائي وثيابي... وشاليَ العنّابي
وأوصتُ له بشاليَ الليمونيِّ
ومريوليَ الأخضرِ المصبوغِ بغبرةِ ملعبي!
خلعْتُ ثوبَ العتبِ، وألقيتُهُ لليلِِ متنسّكٍ
يقلّبُ ملفاتِ الزمانِ بصمتٍ
ولا يقرأ غيرَ بائسِ الأنباءِ!
فأصرخَ: يا للعجب!
هذا صاحبي! وكانَ ذاتَ أمسٍ يلعبُ معي...
ويعدني بغدٍ مشرِقٍ عزيزٍ... وخذل!
فهل رقَّ فجرُهُ لإشراقةِ الكذبِ؟
انتظرتُ على الرصيفِ ورقةً غبراء
تبذرُ آخرَ أُمنياتِها في الأنحاء
لعلّ شاعرًا يمرُّ فيها
وينزعُ عن وجهِ الشمسِ حجابَ الكرَبِ
و"ألوب"... وأنجدلُ حبلَ وصلٍ
بينَ الغيمِ والترابِ المُلتهبِ...
رنينُ الأملِ يرقّصُ خلخالي...
وأيلولي يدلُّ الشيطانَ عليّ: كافرة!
تأكلُ أحلامًا محرّمةً، وتعتصرُ السماءَ
خمرًا قانيًا يسيلُ منَ الرُّكَبِ!
من "حلاة الروح"، حرقْتُ مفكّرتي
وقمتُ أُمخرُ بحرَ خيبتي بصلاةٍ
تركبُ موجةً تهرّبُ مركبي!
عواصفُ أيلولَ تلاحقني، وهو من كفر!
باعَ شرَفَهُ، غيومي وعروسَ كرومي بمنصبِ!!
أجل، أيلولُ، يا ميزانَ العدلِ العتيقِ
أنتَ شريكُ مَن جعلَ أرضيَ روضةً
للحرةِ حمّالةِ الحطبِ، وسمائيَ مستعمرةً
لأبي لهب! وهذا أعجبُ العجب!