
















اهلا الانسان البريء لا يحتاج الى عفو- حالة نتنياهو!! بخطوة غير مسبوقة بجميع المقاييس، لم يكتف ترامب بدعوة رئيس الدوله الاسرائيلية هرتسوغ من على منصة الكنيست الاسرائيلي للعمل على إعفاء نتنياهو من محاكم الفساد، بل ذهب بعيدا بارسال كتاب رئاسي رسمي لهرتسوغ ، يدعوه لاتخاذ مثل هذه الخطوه. الامر الذي اشعل نقاشا ساخنا مزلزلا في القنوات الاعلاميه وبين النخب السياسية والقضائية في اسرائيل، متهمين نتنياهو باستدعاء مثل هذا الطلب، ولحثه قيادات حزب الليكود لشن حملة اعلاميه تهدف الترويج لهذا المطلب. هذا الطلب الامريكي رغم انه جاء ليخدم حليف ترامب الايدلوجي، الا انه ايضا ادخل الساحة السياسية ونتنياهو في مأزق كبير تجلى بطرح الاسئله التالية؛ هل اسرائيل دوله مستقله أم انها محمية أمريكية؟، لماذا يقوم نرامب بمثل هذه الخطوة الآن؟، وهل هذا الطلب يساعد نتنياهو بالاعفاء، أم أنه يعمق أزمته السياسية ويهدد مستقبله الشخصي؟. نتنياهو الان في اسوأ حالاته منذ العام ١٩٩٦، تراكمت عليه كل الملفات الثقيله بتزامن واحد، من حروبه في الجبهات السبع، وحتى حربه الداخليه على براءته من الفساد، والحرب الانتخابية الداخليه وارتباطها بالانقلاب على المنظومه القضائية والامنيه. نتنياهو يحارب حربه الاخيرة (علي وعلى أعدائي) ، ليس فقط حول مستقبله السياسي والشخصي، وانما بالاساس يراهن على إرثه الايدلوجي والاخلاقي، هل سينهي حياته السياسية مدانا بالفساد وبمسؤوليته عن إخفاقات ٧ أكتوبر وجعلخ التسوأ بين رؤساء اسرائيل ، أم ان التاريخ يجعله أهم رئيس حكومة لاسرائيل بمن فيهم المؤسس الاول - بن غوريون.! الجديد في العلاقات الامريكية الاسرائيليه بعهد ترامب ونتنياهو أمرين: الاول- أن التحالف بين الدولتين لم يعد كالسابق بين الدولتين العميقتين، وانما تحول الى تحالف ايدلوجي بين اليمين المسبحي- الصهيوني الابيض، وبين اليمين الفاشي التلمودي اليهودي في اسرائيل، حتى ولو أدى هذا التحالف الايدلوجي في الانقلاب على الدوله العميقة في البلدين. هذا الجانب يمكن ان يفسر الكثير من طلب ترامب إعفاء نتنياهو من محاكم الفساد، لأن ترامب يريد إنقاذ حليفه الايدلوجي حتى ولو على حساب الدوله المؤسساتية العميقة، كذلك الامر يتعامل ترامب مع أنظمة الحكم في اوروبا وامريكا اللاتينيه، والهدف الاكبر توسيع الحراك الترامبي الشعبوي ليصبح المهيمن على النظام العالمي الجديد، بما في ذلك الانقلاب على القوانين الدولية وتفكيك واضعاف الامم المتحدة والمحاكم الدوليه. الثاني- أنه ومنذ أشهر ، انتقل مركز الثقل بملفات الشرق الوسط ( وليس فقط) من تل ابيب الى واشنطن، بدأ الامر بنتائج الحرب على ايران( ١٢ يوما) ، وتعمق بوقف الحرب على غزة ومؤتمر شرم الشيخ. لأن الولايات المتحدة توصلت الى استنتاجين كبيرين؛ أن اسرائيل فقدت الهيمنه الاحادية العسكريه في الشرق الاوسط، وبنفس الوقت، لا تريد واشنطن تقاربا واسعا بين اللاعبين الاقليميين، بين الايراني والتركي، وبين كليهما والعربية السعوديه وجمهورية مصر العربية، الامر الذي يؤدي بالضروره لخطر وجودي لمصالح الولايات المتحدة، ناهيك عن الخطر الوجودي على أمن اسرائيل ومستقبلها. هذا ما يفسر ان تسمح الولايات المتحدة لنفسها، انقاذ اسرائيل من نفسها، ونزع استقلاليه قرارها المغامر، وصولا الى التدخل بالقضايا الداخلية الاسرائيليه تقريبا في كل المواضيع والمجالات. وبعد ان وضعنا الامور الاستراتيجية، وجب أن أضيف أن المأزوم بهذه الحاله، ليس فقط نتنياهو ونهجه، وانما أيضا ترامب ونهجه؛ لأنه -باعتقادي- لن يستطيع التوفيق بين مصالح اللاعبين الاقليميين وبين مصالح اسرائيل تحت العباءه الامريكية، ليس فقط في الملف الغزي والفلسطيني، وانما ايضا في الملف السوري واللبتاني والنووي الايراني. أمام هذا الكباش بين الاطراف المأزومه، تبرز مصلحة الولايات المتحدة بتجميد الحاله القائمه حتى تمرير الانتخابات النصفيه، والحاله القائمه تعني عدم العودة للحرب الطاحنة، وبنفس الوقت عدم التقدم للمراحل القادمة بتسارع وصولا لتسويه سياسيه للقضيه الفلسطينيه. هذا ايضا ينسجم مع الحاجة الاسرائيلية، ودعني أقول أنه ايضا لا يتعارض مع المصلحة الفلسطينيه ما دامت فرصة عدم العوده لحرب الابادة مضمونه. السؤال ماذا سيجري بعد انتهاء ٢٠٢٦؟ برأيي أن الامر يتوقف كثيرا على نتائج الانتخابات الاسرائيليه، نتائج الانتخابات النصفيه الامريكيه، وعلى مدى عمق التوافق الفلسطيني مدعوما عربيا واسلاميا، وللحديث بقية. سهيل دياب- الناصرة 13.11.2025
د. العلوم السياسية