
















اهلا قصيدة سعيد عقل«سائليني يا شآم» التي غنتها فيروز، نظمها وألقاها أول مرة من إذاعة دمشق في الأربعينات من القرن الماضي، وكانت قصيدة «سائليني يا شآم» أطول بكثير من أبيات الأغنية التي تشكل فقط نحو ثلث القصيدة الأصلية.
خلال الوحدة السورية - المصرية، في عام 1958 أو 1959، كان الرئيس جمال عبد الناصر يخطب على شرفة قصر المهاجرين في دمشق، وقال في خطابه وهو يتكلم عن الشآم «إنه سيدخلها التاريخ»، عند سماع الشاعر سعيد عقل هذه الفقرة، تذكر قصيدته عن الشآم وما كان قد أورده في كلامه عن أهلها:
«أهلك التاريخ من فُضْلَتِهم
ذكرهم في عروة الدهر وسام
أمويون فإن ضقت بهم
الحقوا الدنيا ببستان هشام»
فاتصل مباشرة بالأخوين رحباني وسألهما إذا استمعا إلى خطاب عبد الناصر، فأجاباه بأنهما استمعا إليه واتفقوا على أن يمر عليهم الشاعر سعيد عقل ومعه القصيدة القديمة، واستعرضوا قصيدة «سائليني يا شآم»، وانتقوا منها الجزء الذي نعرفه وغنته فيروز، وبسرعة البرق نزلت الأغنية إلى الأسواق ولاقت رواجاً كبيراً، وبدأ بثها من الإذاعات العربية، وبخاصة الإذاعة السورية وإذاعة «صوت العرب» من القاهرة.
لكن سعيد عقل وجد أن «الرسالة» للرئيس عبد الناصر لم تصل، فاتصل بالنائب اللبناني إميل البستاني وكانت تربطه علاقة خاصة بعبد الناصر ويلتقي به بشكل متواصل، فطلب منه سعيد عقل إبلاغه بقصة الأغنية إلا أنه صدرت من مسؤولي حكومة الوحدة المصرية - السورية «الجمهورية العربية المتحدة» تعليمات بمنع بث الأغنية في إذاعات القاهرة ودمشق، وبقي المنع حتى صبيحة الانقلاب على الوحدة بتاريخ 28 أيلول 1961 الذي قام به مأمون الكزبري، مدير مكتب المشير عبد الحكيم عامر حاكم الإقليم الشمالي (سوريا).
صبيحة ذلك اليوم بدأت إذاعة دمشق في بث بلاغات انقلاب الانفصال والأناشيد الحماسية، وفي مقدمتها أغنية فيروز «سائليني يا شآم»، وبعد ذلك أصبحت الأغنية الحماسية التي تبث بمناسبة الانقلابات السورية التي تعاقبت في سوريا.