
















اهلا - جورج مناريوس اليوم ذكرى اشتهاد اطفال بيت لحم وتخومها الذين قتلهم هيرودس الكبير ( الاول )
جاء في انجيل معلمنا متى : "حينئذ لما رأى هيرودس أن المجوس سخروا به غضب جدا. فأرسل وقتل جميع الصبيان الذين في بيت لحم وفي كل تخومها، من ابن سنتين فما دون، بحسب الزمان الذي تحققه من المجوس"
الشخصية المركزية في هذه القصة هي هيرودوس الكبير ( الاول ) الذي حكم من عام 40 قبل الميلاد الى عام 2 بعد الميلاد وهو الذي امر بقتل اطفال بيت لحم وتخومها، خوفا منه على عرشه من يسوع المسيح. حيث اخبره المجوس انهم أتوا ليسجدوا للملك الجديد، وحين لم يعودوا اليه كما أخبرهم الملاك، فقرر قتل جميع الصبيان في بيت لحم وتخومها.
هيرودس الكبير إدومي الأب ونبطي الأم وقد عينه يوليوس قيصر حاكما على الجليل ثم أصبح ملك مقاطعة اليهودية، التي كانت ولاية من ولايات الامبراطورية الرومانية، في اواخر القرن الاول قبل الميلاد بعد ان تخلص من جميع بيت الحشمونيين، وجميع منافسيه.
وعرف عن هيرودس الكبير بانه كان يعاني من جنون العظمة و خوفه الدائم على عرشه مما ادى به الى قتل زوجته وثلاثة من ابنائه حفاظا على عرشه. فلا عجب ان هيرودس كان يريد ان يقضي علي يسوع الطفل عندما كشف له المجوس عن وجود ملك جديد، انجيل معلمنا متي (2 : 1 ).
كتب عنه جوسيفوس فلافيوس المؤرخ من القرن الاول الميلادي التالي :
" انه اعظم البربريين، وانه فور ان تتويج هيرودس كملك لليهود من قبل مجلس الشيوخ الروماني سنة 40 قبل الميلاد كان اول اعماله قتل الحشمونيين وهم اسلافه.واعدام أنتيجونوس بمساعده من مارك انتوني .وقد قتل هيرودس 45 رجلا من اتباع أنتيجونوس في سنة 37 قبل الميلاد.
وقد اعدم يوحنا هيركانوس الثاني خنقا وهو مسن لاعتقاده بالتأمر عليه والاطاحة به في سنة 30 قبل الميلاد.
واستمر هيرودس في تطهير الحشمونيين .وازال ارستوبولوس الذي كان في ذلك الوقت 18 عاما رئيسا للكهنة.واغرق من قبل رجال هيرودس في بركة في اريحا لان هيرودس كان يعتقد ان الرومان يفضلون ارستوبولوس كحاكم بدلا منه.وقد قتل هيرودس زوجته الثانية Miriamme في سنة 29 ميلاديا، وقد قتل هيرودس ايضا ثلاثة من ابنائه.فخنق اثنين منهم وهم الكسندر وارستوبولوس بيده وهم ابناء Miriamme في السامره في سنة 7 قبل الميلاد."
( Antiquities of the Jews, Josephus, 15:50-56; Antiquities of the Jews, Josephus, 16:393-394)
مما ورد اعلاه نرى ان هيرودس الكبير كان دموي جدا حيث انه قتل زوجته وثلاثة من ابنائه وكل من كان يشك فيه خوفا على حياته وحفاظا على عرشه. وبذلك فاعطائه الأوامر لقتل الصبيان في بيت لحم وتخومها من عمر يوم الى سنتين ليس بالشيء الغريب او المستهجن عنه.
حتى ان الحادثة نفسها من شدة بشاعتها ذكرها المؤرخ الروماني Macrobius Saturnalia ماكروبيوس ساتورنال بقوله : " عندما سمع أغسطس ان من الذين امر هيرودس بذبحهم هم أطفال اقل من سنتين، قال : بالفعل هو اسم الشر الذي قتل الأطفال"
(Macrobius, Saturnalia, Book II Chapter 4:11)
وايضا نرى ذكر القصة في كتاب يعقوب وهو كتاب "ابوكريفي " من منتصف القرن الثاني اسمه انجيل يعقوب الاولي Proto-evangelium of James. وهو من نتاج منتصف القرن الثاني. هدفه الرئيسي هو تأكيد دوام بتولية القديسة مريم قبل ميلاد السيد وأثناء الميلاد وبعده. وهو يروي الأحداث الخاصة بميلاد العذراء مع ذكر اسمي والديها (يواقيم وحنة) وحياتها المبكرة في الهيكل، وتركها له في سن الثانية عشر، وخطبتها ليوسف، وقصة البشارة، وزيارة مريم لأليصابات وأحداث الميلاد وهروب العائلة الى مصر. وايضا ورد فيه كيف ان الجنود ارادوا قتل يوحنا المعمدان واخذه الملاك من امه في بلدة عين كارم وخباه في الجبال هناك. ويختم الكتاب بقصة استشهاد القديس زكريا الكاهن .
أول من أشار إليه هو العلامة أوريجينوس وقبل أوريجينوس ذكر القديسان إكليمنضس السكندري ويوستينوس الشهيد أحداثا تخص ميلاد السيد المسيح وردت في هذا الكتاب.
ويجب الايضاح هنا ان كلمة "أبوكريفا" لا تعني أن كل ما بها ليس حق، فإنها وإن كانت ليست قانونية لكن بعضها كان له اعتباره الخاص ككتب كنسية ذات قيمة روحية وتاريخية. وهي تكشف عن الكثير من الأفكار والاتجاهات والعادات التي اتسمت بها الكنيسة الأولى.
اذا ومما سبق نرى تطابق في رواية الكتاب المقدس لقتل الصبيان في بيت لحم وتخومها وبين ما دونه المؤرخين في القرن الاول الميلادي، وانعكاس هذه القصة ونقلها في كتب الادب المسيحي الاولى مثل كتاب يعقوب. مما يؤكد تاريخية وبشاعة هذا الحدث، الذي استقر في الوعي الجماعي الاجتماعي والثقافي المسيحي في القرون الاولى.
الصورة : كنيسة الزيارة في عين كارم بيت زكريا الكاهن الصيفي وهي كنيسة بنيت في عام 1938 ميلادية من تصميم المهندس الإيطالي Antonio Barluzzi مهندس الفاتيكان، بنيت على أنقاض كنائس كانت موجودة من الفترة الصليبة وقبلها البيزنطية. سميت بكنيسة الزيارة لانه البيت الذي كانت في اليصابات حامل بيوحنا المعمدان والذي فيه زارتها القديسة مريم العذراء.
الجدارية التي في الكنيسة تروي القصة التى وردت في كتاب يعقوب من القرن الثاني ومفادها انه عندما امر هيرودس بقتل اطفال بيت لحم وتخومها، جاء الجند الى بلدة عين كارم في تخوم بيت لحم وارادوا قتل الصبي يوحنا المعمدان. فجاء الملاك واخذه من امه وخباه في جبال عين كارم.