اهلا- تالا الحريري-بيروت

يُعد مرض السرطان من أخطر التحديات الصحية التي تواجه البشرية منذ زمن وحتى يومنا هذا، ويتسبب في ملايين الوفيات سنوياً ويؤثر على حياة الملايين من المرضى وعائلاتهم من خلال عامل الوراثة. تتنوع أنواع السرطان بصورة كبيرة، ما يجعل كل حالة فريدة وتتطلب استراتيجيات علاجية مخصصة لها. وعلى الرغم من التقدم الكبير في مجالات التشخيص والعلاج، لا يزال البحث عن لقاح فاعل ضد السرطان يمثل حلماً بعيد المنال. وفي ظل التوقعات التي تشير إلى إمكان تطوير لقاح ضد بعض أنواع السرطان بحلول العام 2025، يبقى السؤال: هل يمكن أن تتحقق هذه التطلعات في مواجهة صعوبة علاج هذا المرض المعقد؟

روسيا أعلنت عن تطوير لقاح يقي من الأورام الخبيثة، ومصنوع بتقنية “إم آر أن إيه” mRNA التي استُخدِمَتْ في صنع لقاح “بيونتيك” المضاد لفيروس كورونا. وفي منتصف كانون الأول 2024، أوضحت أنها ستوفره مجاناً لمواطنيها في الهزيع الأول من العام 2025.

وأظهرت التجارب ما قبل السريرية للقاح السرطان أنه يساهم في تقليل تطور الأورام والحد من انتشارها المحتمل. ويعتبر هذا اللقاح المبتكر نقطة تحول في علم الطب وفرصة لتغيير قواعد اللعبة في علاج السرطان، وفق ما نشره موقع “بيزنس تو داي “Buisness Today.

وأوضح باحث في وزارة الصحة الروسية أن اللقاح مصمم كي يعمل كعلاج لمرضى السرطان، بأكثر من كونه عنصر وقاية على غرار ما تكونه اللقاحات تقليدياً. وكذلك رشحت معلومات في موسكو تفيد بأن علماءها طوروا تقنية “إم آر أن إيه”mRNA بما يمكنهم من إنتاج “لقاح” يتوافق مع التركيب الجيني لكل مريض على حدة. وكذلك عُلِم أن تلك التقنية تكلف قرابة ثلاثة آلاف دولار لكل تركيبة علاجية شخصية.

الى ذلك، تكثر التساؤلات حول طرق انتقال السرطان، فالبعض يتساءل عن إمكان انتقاله من شخص الى آخر عبر الجروح أو السلوكيات اليومية. على الرغم من أن السرطان ليس مرضاً معدياً بالمعنى التقليدي، فإن فهم آليات انتشاره وأسباب تطوره يعد أساسياً لمكافحة هذا المرض الفتاك.

في هذا الخصوص، أشارت المتخصصة في الأبحاث السرطانية في فرنسا رنا علي المصري لـ”لبنان الكبير” الى أنّ “هناك لقاحات للسرطان تمت التجربة عليها منذ سنوات، وشركة التكنولوجيا الحيوية كانت قد طورت لقاحاً لمحاربة سرطان الرئة، من خلال تحفيز الجهاز المناعي لمحاربة المرض. والنتائج برزت في انخفاض نسبة الوفيات 41% مقارنة بالعلاج الكيميائي”.

وأوضحت أن “هناك لقاح UCPVAX الذي تم تطويره في مركز البحوث الفرنسية على يد الدكتور أوليفر ادوتيفي والذي يعمل أيضاً على تحفيز الجهاز المناعي، للقضاء على السرطان. وقد تمت تجربته على العديد من أنواع السرطان كسرطان الرئة والرحم والرأس”.

ولفتت المصري إلى أنّ “الآلية التي يعمل عليها اللقاح تكون من خلال تحفيز الجهاز المناعي لتدمير الخلايا السرطانية مع الحفاظ على الأنسجة السليمة. ومن الممكن أن تصبح هذه اللقاحات جزءاً من العلاج الروتيني وهذا ما يأمله الباحثون بين سنة 2025 و2030. لكن مع الأسف لا شفاء من مرض السرطان لأن هناك أنواعاً وخصائص عديدة له، كما أنّ الخلايا السرطانية تتحور وتتطور مع مرور الوقت وتقاوم العلاج، أو يكون السبب تأخر التشخيص للمريض”.

وأكدت أنّ “هناك أنواعاً معينة من السرطان تستجيب أكثر للعلاج كسرطان الثدي وسرطان الدم، لكن يجب الملاحظة أن كل شخص يتجاوب مع العلاج بطريقة مختلفة وحسب نوع المرض ومرحلته والحالة الصحية للمريض”.

وشددت على أنّ “السرطان لا يمكن أن ينتقل من شخص الى آخر عبر الدم أو من خلال جرح لأن الطفرة الوراثية تحدث في خلايا الشخص نفسه. لا يمكن أن تنتقل الأورام من شخص لأن نسبة الخلايا السرطانية في دم مريض السرطان تكون ضئيلة ولا يمكن أن تعيش أو أن تنتقل إلى شخص آخر. غير أن الشخص المتلقي يقضي على هذه الخلايا السرطانية من خلال جهازه المناعي”.

وأخيراً، تكون الوقاية من خلال “اتباع نمط حياة جيد كالتوقف عن التدخين، اتباع نظام غذائي صحي، تخفيف شرب الكحول، ممارسة الرياضة، الخضوع لفحوص طبية، والحصول على لقاح ضد HPV وHepatite B”.