اهلا

اللغة العبرية القديمة / 25
أم لغات العالم أجمع
ليس من السهل الجزم بأن اللغة العبرية القديمة "السامرية" هي أم لغات العالم أجمع، ما لم نضع النقاط على الحروف ونقدّم الأدلة والإثباتات التي تدعم قولنا هذا، من السنوات والمواقع والأسماء والأحداث تاريخية، الحجج الدامغة والمستندات والمكتشفات الأثرية وغيرها الكثير الكثير، التي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك صحة ما نطرحه في كتابنا " اللغة العبرية القديمة أم لغات العالم أجمع".
إن كل حضارة قديمة يصفها بعض علماء اللغة والآثار اساتذة التاريخ والمفكرين والمؤلفين والكتاب، بأن عمرها أكثر من 4500 سنة، وهذه في الحقيقة رواية غير دقيقة، إذ إن عمر البشرية، بحسب تسلسلنا التاريخي، يبلغ 6457 سنة، واذا ما طرحنا من هذه السنوات 1800 سنة، أي المدة التي عاشتها البشرية جمعاء في بلاد ما بين النهرين (بابل في العراق).
عندما اراد سكان بلاد ما بين النهرين بناء برج بابل، فبلبل رب العالمين السنتهم ووزعهم الله على وجه الأرض، سنة 4657 سنة، لذلك نجد أن أقدم الحضارات التي نشأت خارج نطاق هذه المنطقة لا يمكن أن يتجاوز عمرها 4500 سنة من تاريخ أيامنا هذه.
لذلك، يصبح من غير المنطقي القول بأن حضارة الهند عمرها 5330 سنة، أو أن بناء الاهرامات في مصر تم قبل 2600 ق.م. فهذا غير معقول ايضاً، وكذلك القول بأنه تم جمع 100 ألف عامل لبناء الهرم الأكبر عام 2600 ق.م. غير وارد بالنسبة لذكر مثل هذه السنوات.
ومن الجدير بالذكر، أن شعب بني إسرائيل هم من بنوا الاهرامات قبل 1800 سنة ق.م، أي بعد وفاة يوسف الصديق الذي حكم مصر 80 عاماً، وكان ملكا على هذه الأرض.
ثم قام ملك جديد على مصر لم يكن يعرف يوسف، فقال لشعبه: "هوذا بنو اسرائيل شعب أكثر وأعظم منا، هلم نحتال لهم لئلا ينموا، فيكون إذا حدثت حرب أنهم ينضمون الى أعدائنا ويحاربونا ويصعدون من الأرض"،
وجاء في الشريعة المقدسة في سفر الخروج (1: 11) قولها: "فجعلوا عليهم رؤساء تسخير كي يذلوهم بأثقالهم، فبنوا لفرعون مدينتي مخازن: فيتون ورعمسيس". وهذه المدن هذه ذاتها الاهرامات المصرية.
أما السومريون، فقد كانت حضارتهم من أقدم الحضارات المعروفة في جنوب بلاد الرافدين، وازدهرت ونمت خلال العصر النحاسي وأوائل العصر البرونزي بين الالفية السادسة والألفية الخامسة قبل الميلاد.
واشتهر السومريون باختراع أول نظام للكتابة، يُعرف بالكتابة المسمارية، التي قاموا بتطويرها لأول مرة في بلاد ما بين النهرين منذ 3500 ق.م. وشكّلت لغة الاتصال بين دول منطقة الشرق الأوسط في ذلك الوقت.
والكتابة المسمارية هي أسلوب كتابي قائم على النقش برموز على شكل مسامير، وقد استعملت الطريقة ذاتها لكتابة عدة لغات منها السومرية والأكادية، بينما ظهرت في مصر في حقبة لاحقة، كما أنها استخدمت أيضا لكتابة عدة لغات في الشرق الأدنى القديم، حيث اكتشف هناك أقدم الآثار لهذا الخط المؤلف من كتابات تصويرية تتضمن رسومات او رموز مختلفة.
يقول كينيث هارل، استاذ التاريخ في جامعة تولين: "بلاد ما بين الرافدين هي أقدم حضارة حضرية متعلمة في العالم، والسومريون الذي اسسوا الحضارة، وضعوا القواعد الاساسية، أولئك الذين يعرفون كيفية البحث والكتابة يديرون الحضارة والجميع يقوم بالعمل الشاق".
يعد نظام الكتابة المسمارية، المستخدم لتأسيس قانون حمورابي، من أشهر التطورات في بلاد ما بين النهرين، وقد وضع السومريون أسس الإدارة والحضارة، واخترعوا النظام رقمي أساسي يدعى النظام الستيني، الذي يعتمد (60 ثانية بالدقيقة، و60 دقيقة بساعة، والدائرة 360 درجة)، وكان علم الفلك البابلي هو أول من قسم السنة إلى 12 شهراً وأطلقوا أسماء الأبراج عليها.
من المعلوم ان النظام الرقمي العالمي, وتحديد الدقائق والساعات والايام والاشهر والسنوات والابراج الفلكية بالاضافة الى علم الفلك, منبعه الشريعة المقدسة، “خمسة اسفار موسى”, كل هذه المعلمات وغيره الكثير مدونة بالتوراة, والتي استقت منها الحضارت مثل هذه المعلومات.
وفي مصر القديمة، التي تحمل أهراماتها عجائب الدنيا السبع، فكانت من أقوى امبراطوريات التاريح، لأكثر من 3000 عام، على ضفاف نهر النيل الخصب، وامتدت في وقت ما من سوريا اليوم إلى السودان، تميزت الحضارة بإنجازات هندسية وزراعية وطبية هائلة، من بينها بناء الاهرامات وللمقابر والأضرحة، والتحنيط لإعداد الجثث للحياة الآخرة.
وقد طوّر المصريون القدماء تقويماً سنوياً مكوناً من 356 يوماً، ونظاماً للقياس يعتمد على الذراع وأسسوا الكتابة الهيروغليفية متبوعاً بالنظام الهيروغليفي الذي استخدم الحبر على ورق البردي.
ويتساءل هارل في كتابه، إمبراطوريات السهوب: كيف شكل البدو السهوبون العالم الحديث؟ معبراً عن دهشته قائلاً: "استخدام مصر للعمالة في تنفيذ المشاريع المعمارية مثل الأهرامات، كان منقطع النظير. والقدرة على حشد 100 ألف رجل لتجميع الهرم الأكبر عام 2600 قبل الميلاد لا يقارن في أي مكان ".
فالمصريون القدماء نجحوا في إثبات مهارتهم الفائقة في الزراعة والطب. وقد طوروا أيضاً تقاليد مميزة في النحت والرسم، كما ترك المصريون أيضًا إرثًا من الكتابة الضخمة وأنظمة الرياضيات، كما طوّروا تقويماً سنوياً مكوناً من 356 يوماً، ونظاماً للقياس يعتمد على الذراع، وأسسوا الكتابة الهيروغليفية متبوعاً بالنظام الهيروغليفي الذي استخدم الحبر على ورق البردي. إلى أن انتهت هذه الحضارة عام 332 قبل الميلاد، عندما غزاها الإسكندر الأكبر .
حضارة الهند القديمة او ما تعرف بحضارة وادي السند، التي بنيت في وادي نهر السند (الهند الحالية وأفغانستان وباكستان) منذ 3300 ق.م، تميزت بتخطيط حضري متطور ونظام اجتماعي منظم، دون دلائل واضحة على الحروب الداخلية، وقد حملت معها إرثاً دينياً وأدبياً عظيماً، تجسد في النصوص الهندوسية "الأوبنشاد" وأفكار التناسخ والنظام الطبقي.
ورغم تنوع هذه الحضارات، كالمذكورة اعلاه وغيرها من الحضارات كالكدانية والاكدية والاشورية والارامية، ما زال معظم الباحثين وعلماء اللغة واساتذة التاريخ كل من موقعه يختلفون حول أيها الأقدم، وأي اللغة كان الأصل، رغم أن التسلسل التاريخي من آدم وحتى يومنا هذا، وكذلك الحقائق والمكتشفات الأثرية، تثبت صحة كل ما دوناه سابقاً.
فاللغة العبرية القديمة "السامرية" هي الجذر المشترك، ومعظم لغات تلك الحضارات كانت كتاباتها ذات طابع مسماري أو تصويري هندسي، تماماً كما كُتبت هذه اللغة العبرية القديمة المسمارية والمكتوبة هندسياً، حيث تضم حروف اشارة تصويرية، وكل حرف فيها مكون من 5 مقاطع، يعجز انسان الحضارات الماضية، وحتى انسان عصرنا يومنا هذا أن يصنع مثلها، كونها لغة ربانية علمها الله الى آدم، لتكون أصل لغات البشرية جمعاء.
يتبـع / ٢٦