اهلا كمن شارك بمئات المظاهرات والاحتجاجات، الكبيرة منها والصغيرة، المؤثرة منها والعابرة، استطيع القول بأن مظاهرني سخنين وتل ابيب بدعوة من لجنة المتابعة العليا للجماهير الفلسطينية في اسرائيل وبالتعاون مع عدد كبير من التنظيمات العربية واليهودية الاخرى، لم تكونا " مظاهرة إضافية"! لماذا: 1. لانها كانت تعبير عن قراءة صحيحة للخارطة السياسية والنفسية لاحوال الناس بعد السابع من اكتوبر. هذه الحالة التي تقول ان مسلمات القوالب القديمة لتحليل حالة الجمهور الفلسطيني قد تغيرت، وأن الاخطار القادمة هي اخطارا وجودية، لذا يتوجب استعمال ادوات جديدة وأهمها تغليب التناقض الاساسي على التناقضات الثانوية، والاساسي هو مواجهة سياسة الاحتلال باوسع وحدة كفاحية، عربية يهودية ممكنة .والابتعاد عن التناقضات الثانوية، الايدلوجية منها او الفئوية. وهذا ما كان هذه المرة. رأينا في سخنين مشاركة واسعة من جميع التيارات السياسية والايدلوجية، ورأينا المئات من المتظاهرين اليهود يقفون جنبا ال جنب مع الفلسطينيبن بالمطالبة بانهاء الحرب ووقف سياسة التجويع وعقد صفقة حالا.نفس المشهد رأيناه في تل ابيب أمس في المشاركة العربية اليهودية، وفي المضامين والمحتوى الواضحين. 2. في سخنين وتل ابيب، تم تسليط الضوء عاى تجديد معادله كانت سائدة سنوات طويلة ولكنها كانت خافتة في السنوات الاخيرة، وهي أن التحالفات، هي ليست فقط " انتخابية" وتوزيع كراسي، وانما بالاساس تحالفات كفاحية ميدانية يتم من خلالها دفع ثمن لهذا الكفاح، بمسؤولية وبشجاعة وبمعرفة مسبقة، وأن التحالفات هي ليست "أحادية القومية"، وانما تحالفات سياسية على برنامج كفاحي واضح يشارك فيه الجميع، يهودا وعربا، وهذا ما كان هذه المرة وبهذا الوضوح. 3. في التحديات الوجودية كالتي نحن بصددها، من المهم تغليب اولوية الكفاح على "الهوية"، على ملف "المواطنة"، لاننا مستهدفون كفلسطينيين وليس فقط لانه لدينا موقفا سياسيا ضد السياسة الفاشية، حتى عملاء السلطة مستهدفون كونهم فلسطينيين. وهذا ما شهدناه في مظاهرتي تل ابيب وسخنين. باعتقادي أن هنالك اسباب اضافية ساهمت في التوصل الى هذه الاستنتاجات أهمها: اولا- إن بدء المباحثات الرباعية لاعادةتشكيل القائمة المشتركة مؤخرا تركت- بدون شك- اجواءا وحدوية واعادت الامل لجدوى العمل السياسي والكفاحي. لان الناس سئمت المناكفات والانقسامات. ثانيا- هبة الاحتجاجات المتجددة في المجتمع الاسرائيلي، قدمت نموذجا مشجعا للمجتمع الفلسطيني بالخروج عن الصمت والتسليم بسياسة الاسكات القصري. ثالثا- مكونات لجنة المتابعة، باحزابها السياسية وسلطاتها المحلية وتنظيماتها الوحدوية، باتت اكثر نضجا من قبل ٧ اكتوبر بموضوعين كبيرين؛ موضوع الوحدة الوطنية للجماهير العربية، وبموضوع الكفاح المشترك المتساوي ، اليهودي العربي، هذا النضوج ابعد الكثير من المناكفات " قصيرة النظر" التي سيطرت على الذهنية السياسية للعديد من القيادات السياسية ومن جميع الاحزاب سابقا، ودفع شعبنا بذلك اثمانا سياسية باهظة. نريد من نماذج سخنين ونل ابيب المزيد والمزيد، لنجعل تجربتنا الكفاحية مبنية على قراءة صحيحة، واستراتيجية ظافرة. سهيل دياب- الناصرة
د. العلوم السياسية