اهلا لا حصانة لمن يحتمي بواشنطن ويحمي مصالحها
الجمعة, 12 أيلول/سبتمبر, 2025
تأتي الغارة الإسرائيلية على العاصمة القطريّة، وبعلم أمريكي حتمي رغم جميع محاولات التضليل، لكي تعيد تأكيد عدد من النقاط/الركائز السياسية الهامة التي يجدر أخذها بالاعتبار حين يأتي المرء لقراءة صورة المشهد، فيما يلي اثنتان أساسيتان منها:
أولها، أن ائتلاف هذه الحكومة اليمينية الإسرائيلية، ورئيسها بنيامين نتنياهو تحديدًا، ما زال مستعدًا لإشعال المزيد من الحرائق العدوانية الجديدة، إلى جانب مواصلة صب الوقود على جميع الجبهات المشتعلة الأخرى. ومهما اجترّ أقطاب الحكومة وخدَمُهم الإعلامي مزاعم "تحقيق الأمن" و "جلب النصر"، فكل من يتمتع ببصيرة وضمير ونزاهة يدرك بوضوح أن هذه حرب تخدم هدفين مترابطين: إبقاء هذه الحكومة ولو بالحديد والدم والنار، والمضيّ في مشروع تهشيم أية أرضية وبنية وهيكلية لتسويةٍ سياسية مع الشعب الفلسطيني، والسيطرة بالتالي على كامل البلاد من النهر إلى البحر انطلاقا من عقائد أصولية بائدة.
والركيزة الثاني هي أنه ليس هناك ما يمكن اعتباره منطقة خارج خطوط العدوان الإسرائيلي، بل الإسرائيلي-الأمريكي، مهما بلغت "العلاقات" من قوّة، علمًا أنها علاقات أبعد ما تكون عن الشراكة والتكافؤ، بل هي علاقة قوامها التبعيّة والهيمنة وإن تم تصدير صورة وهمية عن "حلفاء". ونظام قطر كأنظمة عربية أخرى تعيش وتعتاش على توفير الخدمات للقوة الإمبريالية العظمى، هي أنظمة تفتقر لأية مناعة أو حماية حقيقية أمام المصلحة الكبرى لواشنطن، التي غالبًا ما تلعب فيها إسرائيل دور المقاول الثانوي.
الأكيد أنه من السخف تصديق رواية أن واشنطن كانت "آخر من يعلم"! وهو ما يقوله مراقبون من شتى المواقع. ويلفتون النظر إلى عدة مؤشرات: وجود أكبر قاعدة أمريكية في قطر يجعل الهجوم دون علم واشنطن مستحيلًا؛ وصعوبة المسافة بين إسرائيل وقطر تتطلب دعمًا لوجستيًا استخباراتيًا أمريكيًا. كذلك، هناك من يشدّد على تسلسل الأحداث، من قبول إسرائيل للعرض الأمريكي وتهديد ترامب لحماس، إلى انتقال الوفد إلى الدوحة ثم استهدافه، وهو ما قد يشير إلى تنسيق مسبق. من جهتهم، أكد أيضًا محللون إسرائيليون أن إسرائيل لا يمكن أن تقدم على هكذا خطوة لو قوبلت بمعارضة أمريكية، ناهيك عن علمها إن لم يكن بضوء أخضر منها.
العبرة التي ليس بمقدور هكذا أنظمة تطبيقها لعجزهم الإراديّ، حتى لو فهموها وأدركوها، هي أن من يحتمي بالإدارة الأمريكية ويحمي مصالحها بالمجّان، بل يُدفّع "خاوة" فوق كذلك مثلما فعل بهم ترامب علانية – سيظلّ عاريًا من أية حصانة وحماية وسيادة.