X أغلق
X أغلق
الطقس
° - °
ترشيحا
° - °
معليا
° - °
بئر السبع
° - °
رام الله
° - °
عكا
° - °
يافا
° - °
القدس
° - °
حيفا
° - °
الناصرة
اسعار العملات
دولار امريكي
3.445
جنيه استرليني
4.1949
ين ياباني 100
2.5079
اليورو
3.6240
دولار استرالي
2.3021
دولار كندي
2.5184
كرون دينيماركي
0.4872
كرون نرويجي
0.3437
راوند افريقي
0.1994
كرون سويدي
0.3316
فرنك سويسري
3.6639
دينار اردني
4.8531
ليرة لبناني 10
0.0228
جنيه مصري
0.1398
اعلانات يد ثانية
تصفح مجلدات وكتب
الاستفتاء
مواقع صديقة

الكبسولة السادسة والأربعون تجارتُهم بالحمّص والزيت

admin - 2025-09-17 11:11:20
facebook_link

اهلا


أعترفُ مسبقًا بأنّ محاضرة الخواجا تاجر الزيت، مثل محاضرة الفيلسوف صاحب المطعم، قد ورّطتني في مونولوج مثير. مثير وطويل.. كيف يبيع الزيت أغلى ممّا نبيع نحن العرب بثلاثة أضعاف وهو أصلا لا يملك الزيتون ولا الزيت الذي يبيعه؟! وبأيّ حقّ يُناكف ويُنابذ هذا الخواجا؟! المواصفات السبع التي عدّدها هي من فطرة الزيت نفسه، باعترافه هو، لكنّه يباهي بها كما لو كان هو من فلق الحَبّ والنوى ووضعها فيه. يتباهى بأنّ التغليف اللغويّ لهذي المواصفات السبع هو ما يمنح الزيت خاصيّته الزيتيّة وحقيقته الأنطولوجيّة! اللغة لعبته. والتجارة شطارة. والشطارة في الحكي والترويج. الحقيقة في السرد وليست في المادّة ولا الموضوع. الحقيقة في التأريخ وليست في التاريخ. معاهد أبحاث الأمن القوميّ تنهض كلّها على هذا المنطق.. وأخيرًا جاء من سفّه ماركس وفنّد زعمه وأثبت، بالتجربة التطبيقيّة في تجارة الحمّص والزيت، أنّ الوعي الذي تصنعه اللغة هو ما يحدّد الوجود والواقع.. ولا ينعكس! اسمعوا واحكموا:
الموقف الأول:
في عام 1980، كنت ما زلت طالبًا في الجامعة، اشتغلت في مطعم ومقهى في مركز "أحوزا" في حيفا. كنت أعمل ليلًا وأتعلّم نهارًا. وفي المطعم زاوية خلفيّة محايدة نبيع فيها الفلافل. جاء زبون وطلب رغيفًا من الفلافل، فقلت له على الفور: لم يبق عندنا فلافل. قلت ولم أزد. وقف الرجل لحظات ثم غادر وهو يشكرني على كلّ حال. كان صاحب المطعم المرّوكي يراقب ويسمع وأنا غافلٌ عنه لا أراه. فاجأني حين جاء صوبي مباشرة وقال لي يعلّمني: "اسمع، الرجل جائع وجاء ليأكل لأنه جائع. والجائع يأكل الحجر إذا جاع. ولذلك أيها الشابّ الغرّ إذا سألك عن الفلافل ولم يكن هناك فلافل فتجاهل طلبه، وكأنّك لم تسمع منه كلمة فلافل مطلقًا، وقل له: عندنا حمّص أصليّ رائحته تفوح. حمّص طازج حضّرناه قبل دقائق معدودات. حمّص سخن يفتح الشهيّة، وليس من المعلّبات الجاهزة مثلما تفعل المطاعم الأخرى". والحمّص الذي يتحدّث عنه صاحب المطعم جاهز في البرّاد من يومين! في النهاية سألني صاحب المطعم وكأنه فطن إلى شيء: "ماذا تدرس في الجامعة؟" فقلت: "أدرس موضوعين: الأدب العامّ واللغة العربيّة". فقال: "وكيف لا تعلم أنّ التجارة لها أدب خاصّ أساسه اللغة؟!" علّمني هذا الفيلسوف درسًا في الأدب واللغة لم أتعلّمه في أيّ مساق جامعيّ! بعد أسبوع بالضبط جرّبت الوصفة بجمع حذافيرها وتفاصيلها الدراميّة فاشتغلت شغلها مثل الساعة السويسريّة!
الموقف الثاني:
كلّ موسم زيتون ألتقي برجال ونساء من كلّ الألوان، باللغتين العربيّة والعبرانيّة، في معصرة "أبو عبّود" في كفر ياسيف. التقيت السنة الماضية هناك بتاجر زيت يهوديّ جاء ليعصر حُمولة كبيرة من الزيتون. كان الخواجا تاجرًا محترفًا ومحدّثًا لبقًا "ألعن" من المرّوكي صاحب المطعم. والكلام يجرّ الكلام أخذ هذا التاجر يعطيني محاضرة علميّة مستفيضة في تجارة الزيت أنا الذي وُلدت على التراب بين الزيتون. قال لي "أخي، اسمع منّي هي سبع مواصفات يجب أن تظهر كلّها على ملصقات القناني في كلّ الأحوال: زيتون سوريّ بلديّ مذاق أصليّ. بعل بدون سقاية. عضويّ بدون أسمدة أو أدوية. التحويش حَلْب بدون ضرب. عصير بارد. عصرة أولى بكر. نسبة حموضة قليلة.. هي سبع مواصفات!". هكذا قال، ثمّ اختتم هذا التاجر المناكف محاضرته في أصول التجارة بجملة مستفزّة: "هذه المواصفات تكفي حتى أبيع الزيت أغلى ممّا تبيعون، أنتم العرب، بثلاثة أضعاف". فقلت له بغضبٍ ظاهر: "والزيتون لأهل الكابري المهجّرة أصلًا! وإنت حتّى مش دافع براس المال يا خواجا!" ابتسم الخواجا ابتسامة ممتقعة مهلهلة قلبت غضبي إلى غيظٍ غيرِ مكظوم!



مواضيع متعلقة
اضف تعقيب

اسم المعلق : *
البلد :
البريد الالكتروني :
عنوان التعليق : *
التعليق الكامل :
تعقيبات الزوار
مواقع اخبار عبرية
مواقع اخبارية عربية
مواقع اقتصادية
مواقع رياضة
بنوك
راديو