
















اهلا- بقلم يوسف شوفاني طَس بالوجه!
نقرأ عن العنف ونعيشه يومياً، إن كان عنفا بين الأفراد دون التطرق للخلفيات، أو الحروب الدائرة بين دولة وأخرى أو بين دولة ومجموعات مسلحة، دون التطرق لخلفيات ومسميات تلك المجموعات والفصائل والجماعات.
على صعيد العنف بين الأفراد، فالملفت جدا للنظر أن كل الناس مُجمعون على أن التربية المعدومة أو التربية الخاطئة هي السبب الرئيسي وراء هذه الظاهرة المخيفة. لا خلاف على هذا الإجماع.
الفرق يبقى بين القول والفعل. الكل يقول، القليلون يفعلون. خاصية متأصلة لدى الشعب العربي والشعوب التي صممت أن تبقى متخلفة.
ما نراه في شوارع بلداتنا، وبلدتنا ايضا، وخاصة الإنفلات والهمجية والتصرفات الجنونية من قِبَل قسم من الأمهات والآباء، الصبايا والشباب، ويليهم الأولاد، إناث وذكور، لا يبشر بتاتا بالإطمئنان.
نرى عربدة السائقات والسائقين في الشارع، قلة آداب القيادة للمركبات، إنعدام ثقافة التعامل مع السيارات من جهة، ومع المشاة من جهة أخرى. نسمع كلام ولغة التواصل بين الاولاد التي تعكس ما يسمعونه في بيوتهم، ونرى شراهة "وفجعنة" في كل شئ، لا قناعة ولا شبع ولا اكتفاء ولا طاعة ولا احترام ولا أي شئ من تلك القواعد التي تميز الشعوب المتحضرة والمتقدمة عن تلك المتخلفة. لا توجد ثقافة بتاتا. فالأظافر المعتنى بها وموديل الشعر ونوع السيارة الفاخرة وسماكة المكياج والشفاه المنفوخة والملابس الفارعة والنظارات الشمسية والأحذية البارزة من "ماركات عالمية" والشهادات المعلقة على الحيطان وبطاقات الڤيزا المذهبة، والتسلح بقوانين كم أفواه المنتقدين وترهيبهم بشكاوى لدى الشرطة، وعربدة البعض وتفاخرهم بعلاقات مع "جماعات " معينة كأنما ترهيب وفرض خوف على الآخرين، والتسلح بصوت عالي واستخدام عبارات مهينة وكلام دون أي مستوى، والقائمة طويلة، ليست دلالة على الحضارة والتطور والتقدم، بل هي التخلف والانحطاط والتقهقر والضياع والجهل. عندما تنعدم ثقافة الاستعمال والتصرف، وهي معدومة في مجتمعنا مهما حاولنا تجميل الصورة، ينطبق المثل القائل: الحمار ببقى حمار حتى لو حطوا عليه جلال ذهب!
عندما تنعدم التربية لدى المربين، فلا غرابة بأن الاولاد الصغار سينشؤون على قلة التربية والتي تقود إلى وحشية وبربرية في كُل المجالات. من لا يربي ولا يُثقف ولا يُرشد، فلا يستغرب أنه سيكون أول ضحية من قِبل أبنائه وبناته، والحديث عن الامهات والآباء دون تمييز.
إن كان البعض قد اعتاد على أن مظهره وحضوره في المجتمع مستند على ما في جيبه وحساب بنكه وسيارته والرهبة التي صنعتها له بيئة أساسها المال والماديات، فعندما تنعدم تلك المكونات، سيهبط الى ما دون الصفر. وعندما يعتقد البعض، إناثا وذكورا بأنهم محميون بسبب "طول لسانهم" وعربدتهم وصراخهم ونظراتهم المهيبة المصطنعه اصلا والنابعة عن ضعف شخصية وشعور بالنقص يعود لتربية كانت فاشلة أو لتربية حسنة وحصل لهم طفرة حضارية، كمن "فتح عينيه في بلاد عميان"، فهم مخطئون جدا.
فلاتية الاولاد بازدياد، التنمر والتناحر يزداد، الردع معدوم، خباثة أهالي ملموسة، حينما يُظهرون للخارج وجها ناصعا مصطنعا، ولكن في داخلياتهم هم عكس ذلك.
ما نراه ونعيشه هو التناسب العكسي بين التقدم والتطور التكنولوجي والمادي، والتخلف الاخلاقي والاجتماعي.
الحمار ببقى حمار حتى لو لبس جلال الماس! العبرة مؤلمة، لكنها يجب أن تشق كل واحد فينا، لأننا نحن المسؤولين عما يحصل.
من لا يربي ابناءه على التواضع واحترام الغير وثقافة الكلام والتصرف والتعامل مع جميع مناحي الحياة بعقلانية واكتفاء وقناعة، ويعتقد بأنه سيسلم إذا ترك اولاده فالتين داشرين معربدين، سيقع هو نفسه ضحية هذا النوع من انعدام التربية.
ربوا حالكم بالأول وبعدين اعتبوا على الصغار!