اهلا كتب الرفيق عفيف ذياب
على صفحته
بكل صدق وأمانة
------
إلى الرفيق زياد الرحباني
عينك تشوف مَلّا تشييع صرلك يا رفيق زياد.
شو بدك بالحكي.الحكي مش متل الشوفي. ناس من هب ودب اجوا. من بلاد عكار والشمال ..من كل بلاد وضيع الجنوب المهجرة والمدمرة.. واحسن شي من اللي شاركوا بالتشييع هالكم فلاح اللي بعدن صامدين بالبقاع وعكار والجنوب وسهل الدامور.
شو بدي خبرك يا رفيق.. كبار وصغار وولاد وصبايا وعشاق وختياريي مع مراهقات.. كلن نزلوا وراك على الحمرا ببيروت وكان في بس تلات اعلام..علم لبنان وعلم فلسطين وعلم الحزب الشيوعي اللبناني.
نطروك كتير تحت الشمس قدام بواب المستشفى حتى تطلع وتطل علين. وكان كل ما اتأخرت طلعتك يحسوا انو في شي بيشبه المؤامرة وبدو حدا يخطفك منن.. وكان رفيقك أحمد مدلج يطمنن.
بشوارع الحمرا مشينا وراك.. صبايا حامله ورود ودموع، وشباب متحمس بس ضايع عم يغني جايي مع الشعب المسكين. أمين عام حزبك الشيوعي كان بين هالخلقية اللي وراك. في كتير ناس عرفوه لحنا غريب..وناس ما انتبهولوا..وناس ما عرفوه بنووووب. كان في كتير رفاق من فلسطين وسوريا. وكان كمان حسب ما بتذكر هودي جماعة الإسلام السياسي. لمحت كم واحد منن من بعيد. كانوا عم يدلوا بتصاريح عالطالع والنازل لتحت سابع أرض. هودي يا رفيق كانوا كتير مهضومين وشي غريب عجيب كلامن. انت بتعرفن منيح وبتعرف كيف بيفكروا وبيزتوا كلامن العشوائي.
اللي مشيوا بجنازتك بالحمرا يا رفيق هني ناس كتير نظاف وصادقين.. على فكرة نسيت خبرك انو شفت كم رفيق من اليونان وفرنسا.. حتى شفت رفيق سوفياتي قلي سلم عليك. وشفت رفيق اثيوبي ورفيق من سريلانكا.بتتذكر الدفتر الصغير اللي عليه صورة لينين عطاك ياه رفيق سريلانكي وانت عطيتو لربيع الزهر اللي قلي ضبوا بالارشيف؟
المهم بالحمرا كانوا رفاقك اللي هني كتير نظاف.. صح كان في بيناتنا كم واحد عيب نحكي عليهن كلام جارح، بس الشباب ما نسيوا زمن هودي وكيف كانوا يطاردوك من زروب لزروب بزمن الحرب الوسخة.. والشباب ما نسيوا كيف كانوا يتمسخروا على اغانيك وكلامك السياسي أو هجمتن على المثقفين والشعراء والفنانيبن من جماعتك ببيروت الغربية، وهودي يا رفيق بتحس وقت التشييع انو انزعجوا وصارت وجوهن صفرا وانو شو يابا من وين أجت سهى بشارة مثلا حتى تمشي وراك. غريب امرن هودي ما هيك..
واحسن شي بالتشييع بالحمرا كانوا هودي جماعة السرفيسات. اول مرة بشوفن مش مزعوجين من العجقة اللي صارت وتسكير الطرقات. ما عملوا فوضى بالزمامير.. صفوا سيارتن ونزلوا مشيوا وراك وهني عم يغنوا معك ومع سامي حواط "انا مش كافر". وعينك تشوف شغيلة المطاعم وهني عم يوزعوا مي على الصبايا..والبلاكين كانت مليانة صبايا وعجزة عم يلوحولك ويبكوا. شي كتير حلو اللي صار بالحمرا. آخ لو كنت معنا وشفت رفاق صبحي الجيز وهني واقفين على الأرصفة..هيك واقفين بلا حكي بس عم يتفرجوا بحزن على موكبك الكبير. شو بدي خبرك بعد..ايه في جماعة الدرك كمان بتحس اجوا لوحدن بلا أوامر رسمية. اشتغلوا شغلن بلا نرفزة وتعصيب. سمعت دركي عم يغني قدام باب المستشفى "قوم فوت نام".. كان غارقان بعرق جسمو من الشوب بس ما كان متجهم..
خلصنا تشييعك بالحمرا وقلنا يلا خلينا نشد طلوع صوب بكفيا المحيدثة.. بنص دين ساحة بكفيا رفعوا الشباب يافطة مكتوب عليها "رحل الرفيق زياد..وداعًا" وعليها صورتك بالأبيض والأسود وانت عم تدخن سيكارة وصافن بشي. في كتير شباب ورفاق لأول مرة بحياتن بيوصلوا على بكفيا. عجبتن كتير هالضيعة بس بتحس بعدن ناقزين من شي..او يمكن خايفين عليك فوق. ما هني يا زياد ما بيعرفوا انك متل ما قال مرة الرفيق رضوان حمزة.. انو جدّي لوّن شبابيك بيتوا ببكفيا بالأحمر.
كانوا كتار شباب المتن اللي ناطرينك فوق. ناطرينك تقول شي..آيتو شي. تقوم مثلا من التابوت اللي حابسينك فيه وتحكي شي كلمة وتخبرن انو من هون من المتن بلشت الحكاية الحمرا. وانو هالكم فلاح اللي بعدن لازم نساعدن بالزرع من جديد. زرع طبيعي مش مهجن.
بساحة الكنيسة عينك تشوف يا رفيق زياد. ناس فوق بعضها. بتشعر انن عاملين جمعية زراعية ونازلين يقطفوا زيتون، او عم يجهزوا حالن لينزلوا على فوار انطلياس ليحتفلوا بعيد العمال. كلن كان بدن يشوفوا فيروز ليصدقوا انك بعدك هون وانك ما فليت. بتحس بس شافوا فيروز هيك متل حجر الصوان أو اعالي جبل الشيخ، ارتاحوا واطمنوا. بس اللي زعج هالخليقة بالمحديثة-بكفيا، هوي اللي اكيد كمان بخليك يا رفيق تعصب عليهن وتقوم من نومك بالكنيسة وتعيط عليهن على طريقتك اللاذعة والساخرة. بتحس وانت عم تراقب المشهد انو الياس بو صعب بدو يبعص بيت المر والجميّل هيك بلا سبب مع انن أصحاب كتير وبيلفوا ع بعض والزلمي ما قصر بواجبو الاجتماعي..هيك منقول عادة بالضيع. كان الياس ومرتو جوليا..جوليا كانت مقهورة كتير. ملامحها بتقول هالشي..يمكن مقهورة من الياس أو من وين الملايين اللي نسيت غزة وفلسطين وظلم الديكتاتوريات العربية. بس الاهضم يا رفيق كان لما فيروز سألت عن هيدي صاحبتك (بغمزة رفيق) ماجدة اللي ركعت قدامها: مين هالمرا اللي ركعت؟ في كتار ركعوا قدام فيروز. وما تخاف يا رفيق في كتار راح يركعوا قدام فيروز. فيروز يا رفيق اللي خلت الكوكب يركع قدامها. انت بتعرف كتير منيح هالشي وما بدو حدا يخبرك. بس الأجمل لما قدرت بلغها لفيروز رسالة-تحية شباب وصبايا القدس العتيقة. وصلت الرسالة واطمنت انو القدس بعدها النا متل غزة والضفة والجليل.
اهضم شي يا رفيق هودي جماعة المغنى اللي بيشتغلوا على كهربا البطارية اللي عم تخلص طاقتها.. عينك تشوف كيف كانوا عم يدلوا بتصاريح عنك وعن فنك..آخ لو بيعرفوا شو رأيك فين وكيف دمروا الذوق العام.. وانو كيف بتكون الطز طالعة هيك لوحدها "فاجة واقعية".
بساحة الكنيسة وبصالونها كانوا كتار المحبين والصادقين من اليسار واليمين بس هودي جماعة الاسلام السياسي مش مهضومين. بتحسن قاعدين على رأس معدتك بس تسمعن عم يحكوا..سبحان الخالق كيف اتفقوا بسرعة مع كم خوري كانوا فوق.
شو بدك بعد يا رفيق..ايه كمان في بيانات الرؤساء التلاتة. انشا عربي بلا معنى وطعمة وهون جايي على قياس 51 بالمية..أو مية بالمية قديه؟ وبيانات الأحزاب والتيارات والروابط واللجان الشعبية ولجان الاحياء والأموات هيي نفسها من خمسين سنة ما فيها شي جديد..واحسن شي انو ما فيها شي جديد واساسا ما بتعنيلك شي. واحسن شي كمان يا رفيق اللي عملتو الدولة انو ما أعلنت الحداد الرسمي..هيك بتكون مرتاح ومطمن اكتر وضميرك مرتاح. في كم طرطور بالبلد صرعوا ربنا بدن حِداد رسمي. فعليا بدن مطرقة حداد من بلاد المتن تخبطن على راسن خبطة تخليهن يدوخوا ويسكتوا.. هودي لازم يسمعوا منيح حلقة " الزعيم في لبنان" من برنامج بعدنا طيبين..بلكي بيصيروا يفهموا شوي..او بلاها خليهن هيك بلا فهم.
المهم بالمحيدثة بكفيا كان تشييعك هيك..جايي شعبي على رسمي. طبخة مخلوطة مش معروفة مقاديرها بس كانت غلبة المقادير فيها للي بيحبوك بصدق. طلعوا معك بلا جميلة حدا.. سكروا بيوتن بالمتن وبقية البلاد ومشيوا وراك والبنت اللي تركتها عم تعزف بيانو بالحمرا راح تظل عم تعزف..ما راح يتعبوا اصابيعها.