اهلا جسمك مثل سيارتك … بل وأكثر إذا كنت تقرأ هذه السطور، فأنت تبحث عن معرفة حقيقية لتعزيز صحتك. اليوم سنتناول معاً سراً أساسياً من أسرار صحتك ربما تسمع عنه لأول مرة بشكل مفصل ألا وهو: مولدات الطاقة في جسمك. كي تفهم الأمر ببساطة، تخيل أن جسمك يعمل مثل آلة دقيقة تحتاج إلى وقود إنتاج الطاقة، السيارة لا تتحرك من دون محرك ووقود. وكذلك جسمك، كل حركة، كل نفس، كل نبضة قلب أو فكرة في دماغك، تحتاج إلى طاقة. وتخيله أيضاً كمطعم ناجح يجب إدارته بذكاء. كل عملية تقوم بها – من التنفس والتفكير إلى الحركة – تحتاج إلى طاقة. مصنع إنتاج هذه الطاقة موجود داخل كل خلية من خلايا جسمك. هذه المصانع الصغيرة تسمى "ميتوكُندريا". معلومة مدهشة: عدد الميتوكُندريا داخل الخلية يختلف حسب احتياجها للطاقة. خلية عضلة الساق قد تضم 5000 جُسيم. خلية القلب كذلك. خلية الدماغ نحو 2000. الخلية في كبدك تحتاج عدداً أقل. محركات الطاقة في جسمك ذات طبيعة خاصة تشبه إلى حد كبير محرك سيارة السباق: · قوي وسريع: ينتج كميات هائلة من الطاقة. · عرضة للتلف: أثناء إنتاج الطاقة، تنتج “مُخلّفات احتراق” (شوارد حُرّة ROS) تتسبب في تآكل الميتوكُندريا نفسها وتسرّع من شيخوختها. كلما زادت طلبات الطاقة، كلما شاخ مُحرّكك مُبكراً وهَرِم. عُمره الافتراضي قصير: فمثل محرك السباق الذي يُستبدل بعد كل سباق، الميتوكندريا لها عمر محدود (بين 4 إلى 12 يوماً في المتوسط). المطعم، كي يتخلص محرّكُك من نفاياته؟ يقوم جهاز المناعة على تنظيف مُخلّفات الميتوكُندريا ونفايات عمل الأنسجة وقمامة الخلايا التالفة، كما ويُجْهز على الجراثيم والفيروسات وبقية الغزاة والغرباء. عندما يزداد عمل جهاز المناعة نفسه، فهو يشبه مطعماً مزدحماً: إذا لم يُعطَ وقتاً كافياً لتنظيف الأطباق وتجديد المخزون، ستتكدس القمامة وتضعف الخدمة. لذلك يحتاج الجسم إلى ساعات من الراحة عن الطعام (على الأقل 13 ساعة يومياً). هذا ما نعرفه اليوم بالصيام التناوبي (الصوم المتقطع)، الذي يتيح للجسم البدء في تنظيف نفسه وتجديد طاقته. هنا تكمن إحدى عجائب الخلق: الميتوكُندريا تتضاعف وتتجدد ذاتياً داخل خلاياك. والمُذهل أن مصدرها الوحيد هو الأم. بويضة الأم تحتوي على الميتوكُندريا السليمة والقوية، بالموازاة فإن ميتوكُندريا الأب تستهلك طاقتها في رحلتها الطويلة لبلوغ البويضة، وعند الإخصاب يتم التخلص منها لأنها أصبحت "هَرِمة". هذه حكمة التطور في الطبيعة لضمان بداية قوية للحياة. عندما تعجز ميزانية الطاقة في جسمك، تظهر مشاكل صحية عديدة قد لا تفسرها التحاليل الطبية العادية بشكل مباشر، مثل: التعب المزمن والوهن والارهاق بسرعة. ارتفاع الوزن من دون مُبرر، شكاوي المعدة وعُسر الهضم، ارتفاع ضغط الدم. مشاكل في الذاكرة والتركيز (الضباب الدماغي). آلام المفاصل والعضلات. اضطرابات النوم والمزاج (كالقلق والاكتئاب والعصبية). تعود علاقتها لحقبات موغلة في القِدم. فالعلم يعتقد أن أصلها جرثومة بدائية عاشت في بيئة بحرية، نجحت في إنتاج طاقة بنجاعة، ووجدت طريقها إلى التساكن داخل خلايا بدائية بحيث تكافلت الاثنتان وانطلقت سوية إلى تطوّر الحياة البحرية ثم صعود الكائنات إلى اليابسة. اليوم نعلم أن الميتوكُندريا تتأثر وتؤثر ليس فقط داخل الخلية بل بين الأنسجة المختلفة، والأغرب أنها ما زالت تتأثر بعوامل فيزيائية يتصدّرها الضوء الأحمر والقريب من تحت الحمراء. فالبقاء صباحاً ومساءاً لثلث ساعة في الخارج، خاصة في باحةٍ تَحُفُّ بها الأشجار الخضراء تضمن "حمّام" من هذه الأشعة الذي يُنشطها مباشرة. خروج أرانب الصخور "الطبسون" للتشمُّس صباحاً، سلوك يُجسد تنشيط جّسيم الطاقة بموجات الضوء الحمراء والقريبة من تحت الحمراء NIR: Near Infrared. بالطبع! لكن ليس في التحاليل المطلوبة عادة في الروتين الطبي اليومي بل بالمختبرات البحثية. إنما يجدر أن تُطلب هذه التحاليل الروتينية على غير المعتاد. المهم أنها ليست مُعقدة حيث يتم اجراءها في كل مختبر روتيني، دون الحاجة الى تكلفة إضافية. بعضها في الواقع صار موجوداً في بعض التحاليل الروتينية لكن لا يتم الالتفات الى نتيجتها كما يجب، أو أعمق مما تتطلبه الممارسة الطبية حسب إرشادات التوجيهات المُعتمدة من التنظيمات المهنية الطبية Clinical Guidelines. باستشارة طبية ملائمة يمكن الحصول على قائمة التحاليل هذه، تبقى حاجة لضمان تفسير نتائجها وفك مغازيها عند أخصائي استقلاب (أيض)، بما يتخطّى الممارسة الطبية الاعتيادية اليومية. صحتك ليست مجرد غياب المرض. إذا كنت تشعر بأن جودة حياتك غير مُرضية، فهذه رسالة من جسمك تستدعي الانتباه. صحتك لا تبدأ من التحاليل الطبية، بل من جودة طاقتك الداخلية. لا تكتفِ بأن تكون "نتائج تحاليلك سليمة" بينما أنت لا تشعر بالحيوية والنشاط اللّازمين. إبدأ بالاهتمام بمولدات طاقتك الداخلية من خلال التغذية السليمة والصوم المتقطع وتجنُّب السموم التي تُعيقها. دع جسمك يستعيد قدرته الطبيعية على الشفاء. الأدوية تبقى خياراً عند الضرورة، لكن الأساس هو أن يظل “محرك حياتك” في أفضل حال. استثمر في صحة ميتوكُندرياك لتضمن طاقة مستدامة وحياة بصحة أفضل. التوليفة العلاجية من دكتور داود تضمن لك الحالة المثلى لإحراز التوازن الصحي الغذائي والنفسي دكتور ذيب داود أخصائي الغدد الصُم، السُكري والسمنة أخصائي طب الباطن نائب مدير ومدير بالوكالة، سابقاً معهد الغدد الصُم، ومركز التميز في السُكّري والسُمْنة رمبم- حيفا له اهتمام خاص بآليات الغلوكُز والإنسُلين، واضطراباتها في السّمنة وسكّر نمط 2، الكبد الدهني، تصلب الشرايين القلبية والدماغية والكلوية والمبايض المّتكيّسة. اضطرابات الغدة الدرقية، و مُضاعفات جراحة تخسيس الوزن Bariatric surgery. رئيس مؤتمر رمبام للصحة والطب الديجيتالي 2021-2016 حائز على جائزة أفضل بوستر سريري مؤتمر جمعية الغدد الصماء الإسرائيلية 2011. له مقالات طبية عديدة وأبحاث عن الصحة البشرية في مجال تخصّصاته. جسمك كآلة – أين توجد محركاته؟
الأعجب من ذلك، أن البويضة التي ننشأ جميعاً منها تحتوي ما بين 100 الى 600 ألف وحدة ميتوكُندريا، مما يؤكد أهمية الطاقة منذ لحظة بدء الحياة، وكيف تضمن الانطلاق إلى مولود كامل.
ميتوكُندريا ومُحرك سيارة سباق
من أين تأتي الميتوكُندريا؟
فهل في ذلكُم تبرير غيرة الأم على وليدها؟
ما عواقب إهمال صحة الميتوكُندريا؟
هذه المشاكل هي غالباً نتيجة تراكمية لعجز الطاقة على مستوى الخلايا
وعلى المدى البعيد يساهم قصور الطاقة على رفع مخاطر السُمنة والسُكري، أمراض الرومَتيزم، تصلب الشرايين، انتكاسات الدماغ مثل آلزهيمر، تشحم الكبد، تكيّس المبايض، مشاكل الخصوبة لدى الجنسين، أنواع شتى من السرطان، إضطرابات المناعة الذاتية، الاختلالات النفسية كالهلع والاكتئاب وغيرها.
علاقة الميتوكُندريا بالبيئة
هل تظهر في التحاليل المخبرية؟
الخلاصة: كن مُديراً مبادراً لصحتك