اهلا-فوزي حنا قلعة عتليت
...............
لنبدأ بالاسم:
تختلف تفسيرات مصدر اسم (عتليت)، فربّما يكون فينيقيّ الأصل من (عتاليا) بمعنى القويّة. وقد يكون من اليونانيّة (اتليتيس) بنفس المعنى، امّا القلعة التي بناها الفرنجة حين بنوها سنة 1218 أطلقوا عليها اسم كاستروم پيرچرينوروم Castrum Pergrinorum بمعنى قلعة الحجّاج فترجمه الفرنسيّون ودعوها شاتو پيليرين Chateau Pelerin، وسمّاها ياقوت الحموي (الحصن الأحمر).
كانت القلعة من اهمّ قلاع الشاطئ، وقد اختير مكانها على لسان بحري كان قديمًا ميناءً فينيقيًّا في القرن الثامن قبل الميلاد.
تمّ تحصين القلعة بسور منيع من ناحية البحر وبمنظومة اسوار وخنادق من ناحية البرّ، حيث بلغ ارتفاع السّور الخارجي 16 مترًا وخندقه بعمق 6 امتار، امّا السّور الدّاخلي فبلغ ارتفاعه 34 مترًا.
أقام الفرنجة إلى جانب القلعة استيطانًا زراعيًّا.
في العام 1220 حاصرها الايّوبيّون بقيادة المعظّم عيسى، وتختلف المصادر حول مدة الحصار بين اسبوعين إلى اربعة، لكن الحصار فشل، لتظلّ تحت سيطرة اصحابها حتّى ايّام المماليك، فكان الحصار الاوّل بقيادة بيبرس الذي خرّب مزروعاتها كما يقول المقريزي في (السّلوك في معرفة دول الملوك)، وحينها هرب الفلّاحون إلى داخل الاسوار، وبلغ عدد المحاصَرين نحو 4 آلاف، فشل الحصار في تحقيق الهدف.
وفي العام 1283 تمّ توقيع اتّفاقيّة بين الطّرفين يعطي الحقّ للفرنجة بالاحتفاظ بقلعتهم.
وبقيت كذلك حتّى 1291 حين اضطرّ الفرنجة لمغادرة قلاع الشّاطئ، فلم يكن امام اصحاب هذه القلعة إلّا المغادرة، لينتهي وجود الفرنجة في بلادنا.
هدم المماليك القلعة كي لا يعود اصحابها إليها، فصارت حجارتها مطمعًا لأخذها كمواد بناء متوفّرة دون جهد، فكان ان أمر الجزّار بنقل ما تيسّر منها لبناء جامع الأنوار ومؤسّسات اخرى في عكّا، كذلك تمّ نقل حجارة كثيرة لبناء كاسر الامواج وبيت الجمرك في ميناء يافا، بعد ان اشتراها حاكم يافا مصطفى بك العلي من حاكم منطقة حيفا أحمد أفندي الجلبي.
أقيمت قرية عربيّة في القرن التاسع عشر، حملت الاسم القديم عتليت، وفي مطلع القرن العشرين اشترت الحركة الصّهيونيّة الارض من والي بيروت، وأقامت مستوطنة حملت الاسم ذاته.
وفي 1948 هُجّر سكّان القرية ضمن خطّة إخلاء السّهل السّاحلي من العرب، وبلغ عددهم نحو 500 نسمة.
تقع القلعة اليوم ضمن منطقة عسكريّة، فالدّخول إليها محظور، لكن، يمكن رؤيتها من مناطق قريبة، خاصّةً من قلعة دستري المشرفة على المنطقة.